` `

تقرير: انتخابات 2024 في تحدٍ غير مسبوق لمواجهة المعلومات المضللة

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
أخبار
24 يناير 2024
تقرير: انتخابات 2024 في تحدٍ غير مسبوق لمواجهة المعلومات المضللة
يستعد أكثر من أربع مليارات شخص للانتخابات حول العالم (Getty)

هذا المقال ترجمة بتصرف عن مقال من موقع ذا نيويورك تايمز.

تتزامن العمليات الانتخابية المرتقبة مع تطور الذكاء الاصطناعي، وتراجع أساليب حماية وسائل التواصل الاجتماعي. 

وفقًا للتقديرات سيشارك أكثر من أربعة مليارات شخص في انتخابات كبرى لهذا العام، وستؤثر النتائج في كيفية إدارة العالم لعقود مقبلة. في الوقت ذاته، أصبح تطور السرديات المغلوطة ونظريات المؤامرة تهديدًا عالميًا.

وقد تسبب الذكاء الاصطناعي، أحيانًا، في نشر الإشاعات وشوه تصورات الناس للواقع، في حين أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى قلصت إجراءات الحماية الخاصة بها وخفضت أعداد الطواقم المختصة بالعمل على الانتخابات.

يقول داريل ويست، زميل أول في مؤسسة بروكينجز ثينك تانك، “تقريبًا، كل ديمقراطية تواجه ضغوطًا بصرف النظر عن التكنولوجيا ولكن عندما تضيف إلى ذلك مشكلة المعلومات المضللة، فهذا يعني وجود العديد من الفرص للفساد”.

مقال ذا نيو يورك تايمز بعنوان الانتخابات والمعلومات المضللة يتضاربان بشكل غير مسبوق في انتخابات عام 2024
مقال ذا نيويورك تايمز بعنوان "الانتخابات والمعلومات المضللة
يتضاربان بشكل غير مسبوق في انتخابات عام 2024"

انتخابات عام 2024: الانتخابات الأوسع خلال 24 عامًا قادمة

وفقًا لشركة الاستشارات أنكور تشينج، يتضمن التقويم العالمي ما لا يقل عن 83 انتخابات، وهي أكبر نسبة مسجلة في الـ24 عامًا المقبلة على الأقل.

تتوزع هذه الانتخابات حول العالم، بما في ذلك في أوروبا، حيث ستشارك 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي في الانتخابات البرلمانية، خلال شهر يونيو/حزيران المقبل. ويشهد شهر يناير/كانون الثاني الجاري، وحده، ما لا يقل عن سبع انتخابات. 

وفي فبراير/شباط المقبل تجري باكستان وإندونيسيا -أكبر الدول الإسلامية من حيث عدد السكان- انتخابات في أسبوعين متتالين.

ومن المقرر إجراء انتخابات الهند العامة في الربيع المقبل. وفي السياق، حذر رئيس الوزراء الهندي من محتوى الذكاء الاصطناعي المضلل.

رئيس الوزراء الهندي يحذر من التضليل المولد بالذكاء الاصطناعي
رئيس الوزراء الهندي يحذر من التضليل المولد بالذكاء الاصطناعي

كما ستُجرى انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو 2024، فيما يستمر الاتحاد الأوروبي في إنفاذ قانون جديد يهدف إلى السيطرة على المحتوى المضلل على الإنترنت.

ومن المتوقع أن تتأثر الانتخابات الرئاسية في المكسيك في نفس الشهر (يونيو) بسبب انتشار السرديات المضللة في مناطق أخرى في الأميركيتين.

كما يتجه الناخبون في الولايات المتحدة إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي تعيش بالفعل في خضم سباق رئاسي، تنتشر فيها الأكاذيب حول تزوير الأصوات.

ومن المخطط إقامة انتخابات رئاسية في روسيا وأوكرانيا، في خضم الحرب المتواصلة بينهما.

أما بالنسبة لأفريقيا، فستجري واحدة من أهم الانتخابات في القارة بجنوب أفريقيا، التي واجهت حملات تضليل واسعة حول رهاب الأجانب على وسائل التواصل الاجتماعي، سابقًا.

دور منصات التواصل البديلة في انتشار المعلومات المضللة

تُولّد بيئة الاقتتال وتزايد الانقسامات السياسية لغة الكراهية وانتشار المعلومات المضللة، الأمر الذي يدفع الناخبين إلى الانغلاق السياسي والتوجه للجماعات المتشددة. وغالبًا ما تطغى الأقلية المُحفزَة من الأصوات المتطرفة على الأغلبية المعتدلة، بدعم من خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي التي بدورها تعزز تحيزات المستخدمين.

تبحث الأصوات الأكثر تطرفًا عن بعضها البعض على منصات التواصل الاجتماعي البديلة، مثل تيليغرام وبيتشيوت وتروث سوشيال، فوفقًا لمؤسسة بايرا، التي تراقب التهديدات الإلكترونية والمعلومات المضللة، فإن الدعوات التي انتشرت مؤخرًا على هذه المنصات لوقف الاحتيال الانتخابي بشكل استباقي، اتضح أنها دعوات غير حقيقية.

وجدت بايرا في دراسة حالة حول المنصات البديلة أن "انتشار وقبول السرديات المضللة ما يزال يكتسب زخمًا"، مما يؤثر بشكل مباشر حتى على سياسات الانتخابات والتشريعات.

وكتب باحثوها “هذه المؤامرات تنبت بين النخبة السياسية، التي تستخدم هذه السرديات لكسب رضا الجمهور مما يعمل على تدهور مبدأ الشفافية”.

الذكاء الصناعي وفرضية المخاطرة – المكافأة 

يقول تقرير من جامعة شيكاغو وجامعة ستانفورد إن "الذكاء الاصطناعي يحمل مستقبلًا واعدًا للحوكمة الديمقراطية"، إذ يمكن أن تُستخدم الدردشة الآلية الموجهة سياسيًا لإعلام الناخبين حول القضايا الرئيسية وربطهم بشكل أفضل مع المسؤولين الذين انتخبوهم.

من جهة أخرى، يمكن أن تكون هذه التقنية أيضًا وسيلة لتناقل الإشاعات، إذ تم استخدام الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي المزيفة بالفعل، لنشر نظريات المؤامرة، مثل ادعاء المؤامرة العالمية لاستبدال الأوروبيين البيض بالمهاجرين غير البيض (الاستبدال العظيم).

تقرير عن نظرية المؤامرة باستبدال الأوروبيين البيض بأخر مهاجرين
تقرير عن نظرية المؤامرة باستبدال الأوروبيين البيض بأخر مهاجرين

كتبت جوسلين بينسون وزيرة الداخلية في ولاية ميشيغان في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، إلى السيناتور تشاك شومر الديمقراطي من نيويورك، "المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي قد يعزز بشكل كبير صدقية المعلومات المضللة المنتشرة محليًا".

من جهته قال لورانس نوردن، مدير برنامج الانتخابات والحكومة في مركز برينان للعدالة، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن ينسخ كميات كبيرة من المواد من مكاتب الانتخابات وينشرها على نطاق واسع، أو يمكنه في المقابل “تفجير مفاجأة في نهايات أكتوبر المقبل، مثل التسجيلات الصوتية المولدة بالذكاء الاصطناعي، والتي انتشرت في انتخابات سابقة مسببة أزمات انتخابية”.

أردف نوردن أثناء مشاركته في نقاش عبر الإنترنت في نوفمبر الفائت، "كل الأمور التي كانت تشكل تهديدًا لديمقراطيتنا لبعض الوقت قد يتسبب في تفاقمها الذكاء الاصطناعي بشكل كبير".

ويشعر بعض الخبراء بالقلق من أن وجود أدوات الذكاء الاصطناعي قد يضعف الثقة في المعلومات ويُِمكن العاملين في السياسة من تجاهل المحتوى الحقيقي. فيما قال آخرون إن المخاوف، في الوقت الحالي، مبالغ فيها، لأن "الذكاء الاصطناعي هو أحد التهديدات المتعددة". 

شركات التقنية الكبرى تدعم تخفيض رقابة المحتوى

في الدول التي تستعد لانتخابات عامة في عام 2024، يمثل نشر المعلومات المضللة قلقًا رئيسيًا بالنسبة لغالبية كبيرة من الأشخاص الذين استطلعتهم اليونسكو، ومع ذلك، تراجعت الجهود التي قامت بها وسائل التواصل الاجتماعي للحد من المحتوى المضلل، والتي تم تفعيلها عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2016.

صورة متعلقة توضيحية
مسح قامت به اليونيسكو لدراسة تأثير المعلومات المضللة على الإنترنت

وفقًا لتقرير حديث من منظمة الصحافة الحرة، قلصت شركات ميتا ويوتيوب وإكس، أو أعادت تشكيل الفرق المسؤولة عن فحص المواد والمعلومات الخطرة أو غير الدقيقة خلال العام الفائت. فبعض هذه الشركات تقدم ميزات جديدة، مثل البث الخاص في اتجاه واحد، والتي يصعب مراقبتها بشكل خاص.

صورة متعلقة توضيحية
تقرير نشر لمؤسسة الصحافة الحرة عن تراجع دعم الشركات التكنولوجية الكبرى لبرامج الحماية

ومن المرجح أن تلعب منصات التواصل الاجتماعي الحديثة دورًا أكبر في المحتوى السياسي، إذ تسعى منصة صابستاك الناشئة، والتي أعلنت في ديسمبر/كانون الأول الفائت، أنها لن تحظر رموز النازية وخطاب التطرف على منصتها، لجعل موسم الانتخابات في عام 2024 "انتخابات صابستاك".

ويخطط السياسيون لتنظيم فعاليات مباشرة على موقع تويتش، الذي سيستضيف أيضًا مناظرات بين نسخ مبرمجة بواسطة الذكاء الاصطناعي للرئيس بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.

من جهتها أعلنت شركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، في مدونة على موقعها الرسمي، نشرتها في نوفمبر الفائت، أنّها "مسؤولة بشكل كبير عن حماية نزاهة الانتخابات في العام المقبل على منصاتها“.

إلى جانب هذا، كتبت منصة يوتيوب في بيان صدر عنها خلال ديسمبر الفائت، أن فرقها المختصة في الانتخابات "كانت تعمل بلا كلل للتأكد من وجود السياسات والأنظمة الصحيحة". وأعلنت هذا الصيف أنها ستتوقف عن إزالة سرد القصص الكاذبة حول الاحتيال الانتخابي، مبررة ذلك برغبتها في أن يسمع الناخبون جميع جوانب النقاش، على الرغم من أنها لفتت إلى أنّ "هذا ليس تصريحًا لنشر المعلومات المضللة أو الترويج لخطاب الكراهية).

من جهة أخرى، انتشر المحتوى المضلل بشكل كبير على منصة إكس بعد أن تولى إدارتها رجل الأعمال إيلون ماسك نهاية عام 2022. وبعد أشهر من توليه، استقالت ألكسندرا بوبكينم من وظيفتها في إدارة عمليات الثقة والسلامة للمنصة. وفقًا لبوبكين، التي انضمت لاحقًا إلى شركة ويب بيوريفاي لتنظيم المحتوى، تعتمد العديد من وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على أدوات رقابية ذات طاقة محدودة لتنظيم المحتوى، مما يترك طواقم مكونة من أفراد قليلين في حالة استعداد قصوى دائمة. وفي السياق أضافت "نزاهة الانتخابات هي مجهود ضخم يحتاج حقًا إلى استراتيجية استباقية، والعديد من الأفراد العاملين من ذوي العقليات النابهة، إلى جانب غرف عمليات مجهزة".

اقرأ/ي أيضًا

هل يؤثر إنشاء الميم في نشر المعلومات المضللة عن الانتخابات الأميركية؟

خطر المعلومات المضللة على ديمقراطية العملية الانتخابية في عام 2024

الأكثر قراءة