` `

ما حقيقة المزاعم التي نشرها الجيش الإسرائيلي حول الصحفي إسماعيل الغول بعد اغتياله؟

محمد سليمان محمد سليمان
أخبار
4 أغسطس 2024
ما حقيقة المزاعم التي نشرها الجيش الإسرائيلي حول الصحفي إسماعيل الغول بعد اغتياله؟
حرض الجيش الإسرائيلي على الصحفيين خلال الحرب الجارية على غزة

نشر الجيش الإسرائيلي والمتحدث باسمه، أفيخاي أدرعي، بيانًا ادعى فيه أن الصحفي الفلسطيني ومراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة، إسماعيل الغول، الذي راح ضحية غارة إسرائيلية في 31 يوليو/تمّوز الفائت، قد “شارك في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولعب دورًا فعالًا في توثيق ونشر مقاطع لعمليات المقاومة في غزة”.

واعترف الجيش الإسرائيلي باغتياله للصحفي الغول، مدّعيًا أنه ناشط في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وأحد عناصر قوات النخبة.

بيان الجيش الإسرائيلي بعد اغتيال إسماعيل الغول
بيان الجيش الإسرائيلي بعد اغتيال إسماعيل الغول

ونشر أفيخاي أدرعي، أمس السبت، صورة ادّعى أنها لوثيقة تتضمّن قائمة أسماء حصل عليها الجيش الإسرائيلي خلال عملياته في غزة، وقال "نكشف اليوم عن وثيقة من عام 2021 وُجدت في أجهزة حاسوب خاصة بحماس والتي صودرت في قطاع غزة وتتضمن قائمة بآلاف النشطاء في الجناح العسكري لحماس، حيث يُدرج إسماعيل الغول كمهندس في فرع غزة لحماس".

أفيخاي أدرعي ينشر قائمة على أنها لوجود الغول في الجناح العسكري لحماس
أفيخاي أدرعي ينشر صورة وثيقة على أنها تثبت انضمام الغول لحركة حماس 

عوامل تشكك في الادعاءات الإسرائيلية حول إسماعيل الغول

راجع "مسبار" بيان الجيش الإسرائيلي عن استهداف إسماعيل الغول، وتبين أنه يحتوي على مزاعم غير واضحة، كما لم يقدم معلومات دقيقة عن نشاط الغول.

إذ ذكر البيان الإسرائيلي أن إسماعيل الغول، كان في الجناح العسكري لحركة حماس وأنه لعب دورًا فاعلًا في توثيق ونشر مقاطع فيديو عمليات المقاومة، وأنه شارك في الهجوم على غلاف غزة في السابع من أكتوبر، ولذلك تم استهدافه، وفق البيان.

لكن، يتنافى ما جاء في البيان الإسرائيلي مع حادثة اعتقال إسماعيل الغول، إذ سبق وأن اعتقلت قوات الاحتلال إسماعيل الغول خلال اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار الفائت، لمدة 12 ساعة وتم التحقيق معه ثم الإفراج عنه، وقد تتعارض حادثة الاعتقال هذه مع رواية الاحتلال في أن الغول كان ينتمي إلى الجناح المسلّح في حركة حماس، ولم يكن ليُفرج عنه لو أنه كذلك بالفعل.

الاحتلال يفرج عن إسماعيل الغول بعد اعتقاله

وفي مارس الماضي، أفرج الجيش الإسرائيلي عن إسماعيل الغول وعدد من الصحفيين بعد اعتقالهم لمدة 12 ساعة في مجمع الشفاء الطبي.

وفور إفراج قوات الاحتلال عنه، قال الغول في تصريحات لقناة الجزيرة إنه اضطر، وغيره من الصحفيين، إلى تسليم أنفسهم لقوات الاحتلال التي أجبرتهم على خلع ملابسهم بشكل كامل، بعد أن جرفت خيمة الصحفيين ودمرت سياراتهم خلال اقتحام مجمع الشفاء.

وأضاف الغول أن "قوات الاحتلال كبلتنا وعصبت أعيننا، وحققت مع كل الصحفيين الموجودين في المكان"، مشيرًا إلى أن هذه القوات أبقتهم محتجزين لمدة 12 ساعة. وأفاد الغول بأن قوات الاحتلال صادرت هواتف الصحفيين وحواسيبهم ومعدات التصوير.

وكشف الصحفي الفلسطيني، أنه كان موجودًا فجر اقتحام الجيش لمجمع الشفاء في الساحة الخارجية، عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي المجمع، وقام مباشرة باعتقال مراسل الجزيرة وعدد من المسعفين والأطباء واعتدى عليهم بالضرب، ثم نقلهم لجهة مجهولة.

دراسة إسماعيل الغول في المرحلة الجامعية

تخرّج إسماعيل الغول من قسم الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية في غزة، وعمل صحفيًا في صحيفة فلسطين والرسالة والمركز الشبابي الإعلامي، إلى جانب عمله في قناة الجزيرة خلال الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

قناة الجزيرة تكذّب ادعاءات الاحتلال بشأن إسماعيل الغول

وردًا على الادعاءات الإسرائيلية، اعتبرت شبكة الجزيرة بيان الجيش والمخابرات الإسرائيلية أن مراسل الغول في غزة كان من قوات النخبة التابعة لحماس وأنه شارك في هجوم السابع من أكتوبر، مجرّد ادعاء عار عن الصحة.

وأكدت الجزيرة في بيان رسمي، أن الجيش الإسرائيلي والشاباك يحاولون بهذا الادعاء إخفاء حقيقة جريمتهم باستهداف صحفيين كانوا على رأس عملهم. وأوضحت أن الادعاء بأن مراسل الجزيرة الصحفي إسماعيل الغول كان من عناصر قوات النخبة التابعة لحماس، افتراء وتحريض خطير يعرض سلامة طواقمها للخطر، وتتحمل السلطات الإسرائيلية المسؤولية عنه. 

وذكرت الجزيرة، أنه سبق للجيش الإسرائيلي ومخابراته أن اعتقلت الغول في مستشفى الشفاء في غزة عندما اجتاحته في منتصف شهر مارس الفائت، ثم أخلت سبيله دون قيد أو شرط. وتساءلت الجزيرة بأنه لو كان مراسلها من النخبة والادعاء الإسرائيلي صحيح فهل كانت ستفرج عنه؟ وقالت إنه "من الواضح أن سلطات الاحتلال تحاول تبرير جريمتها بالادعاء أنه كان من النخبة وشارك في هجوم السابع من أكتوبر".

الجزيرة تكذب ادعاءات الاحتلال بشأن إسماعيل الغول

وشددت الجزيرة على رفضها هذه الأكاذيب وتعتبرها محاولة مفضوحة لتبرير استهداف الاحتلال للصحفيين في غزة خلال الحرب الجارية على القطاع.

تحريض الاحتلال على الصحفيين في غزة 

وتشن إسرائيل من خلال منصاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حملات تحريض بالقتل ضد الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة. إذ سبق ونشر موقع وزارة الخارجية ووسائل إعلام إسرائيلية في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، أسماء وصور صحفيين فلسطينيين، يعمل عدد منهم لصالح وكالات أنباء عالمية، واتهمتهم بأنهم كانوا على دراية بموعد الهجوم الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر الفائت، وجاءت تلك الاتهامات استنادًا إلى تقرير صادر عن منظمة "هونيست ريبورتنغ"، وتُعرف هذه المنظمة بانحيازها لإسرائيل.

وكان من أبرز الصحفيين الذين تم التحريض عليهم واستهدافهم برفقة عائلاتهم في قطاع غزة، هو مراسل تلفزيون فلسطين محمد أبو حطب، و11 من أفراد عائلته، بعد قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي منزله في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة في نوفمبر الفائت.

استهداف الصحفي محمد أبو حطب

كما قصفت طائرات حربية إسرائيلية، منزل الصحفي مثنى النجار الذي سبق وأن تعرض لتحريض من قبل الإعلام الإسرائيلي، ولكنه نجا من الاغتيال.

ووثق "مسبار" استهداف جيش الاحتلال لعشرات الصحفيين داخل منازلهم وأثناء عملهم، كان أبرزهم اغتيال الصحفي ومدير مكتب بيت الصحافة في غزة، بلال جاد الله داخل سيارته في نوفمبر الفائت، إضافة إلى استهداف الصحفي في المؤسسة نفسها محمد الجاجة داخل منزله برفقة زوجته شيماء وابنتيه. 

كما حاول الاحتلال اغتيال صحفيين آخرين أثناء عملهم من خلال إطلاق النار عليهم، كان أبرزهم مراسل قناة الغد إبراهيم قنن، ومحمد سليمان مراسل قناة يمن شباب، وإصابة الصحفي سامي شحادة وهو ما أدى إلى بتر قدمه.

مراسلون بلا حدود تستنكر اغتيال الغول والريفي

وبعد اغتيال إسماعيل الغول، أكدت منظمة مراسلون بلا حدود أنها تلقت "ببالغ الذهول والأسى نبأ هذا الهجوم العنيف على اثنين من أبرز صحفيي الجزيرة، وهو أحدث هجوم من نوعه في ما يناهز عشرة أشهر من الجرائم المتوالية ضد الصحفيين في غزة، حيث فقد أكثر من 120 صحفيًا حياتهم". 

وحسب مراسلون بلا حدود، فارتفعت حصيلة صحفيي الجزيرة الذين لقوا حتفهم في غزة إلى خمسة، وجميعهم استُهدفوا بغارات مباشرة وفقًا للمعلومات التي توصلت إليها المنظمة.

كما وثقت المنظمة، أنه في أوائل يناير/كانون الثاني 2024، قتلت غارة إسرائيلية الصحفي حمزة الدحدوح، ابن مراسل الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة، وزميله مصطفى ثريا. وبعد هذا الاغتيال بشهر واحد، أصيب وائل الدحدوح بجروح عندما استهدفته غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل زميله مصور الجزيرة سامر أبو دقة.

مراسلون بلا حدود تستنكر اغتيال الغول والريفي

وتزامنت الهجمات الدموية على مراسلي الجزيرة، وفق مراسلون بلا حدود، مع حملة تشهير مستمرة تروج لها السلطات الإسرائيلية منذ مدة، إذ اتهمت الجزيرة بأنها "جهاز دعاية لصالح حماس"، وتشكل "تهديدًا للجيش الإسرائيلي"، مما أدى إلى فرض حظر مؤقت على القناة في كل من إسرائيل وفلسطين المحتلة، وقد تم تجديد هذا الحظر لمدة 45 يومًا في التاسع من يونيو/حزيران الفائت.

وحذرت مراسلون بلا حدود مرارًا من أن الحملة التي تطاول الجزيرة، وما يصاحبها من خلط مستمر بين ممارسة الصحافة والضلوع في "الإرهاب"، من شأنه أن يُعرِّض الصحفيين للخطر ويقوض الحق في الوصول إلى المعلومات.

ودعت المنظمة في بيان لها، عقب استهداف الغول والريفي، الحكومة الإسرائيلية إلى الالتزام فورًا بوضع حد للعنف ضد الصحفيين، الذي ما يزال يرتكبه الجيش الإسرائيلي بلا هوادة، والذي يشكل مثالًا صارخًا على ممارسات تندرج في إطار جرائم الحرب.

إسرائيل تستهدف الصفحيين بسبب تغطيتهم الوضع في غزة

ويُذكر أن إسرائيل لديها تاريخ طويل في استهداف الصحفيين الذين يغطون انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وقد عملت على قمع حرية الصحافة، وخاصة تلك التي تأتي من المنظمات الإخبارية والصحفيين الفلسطينيين. 

وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر الفائت، وثق الصحفيون الفلسطينيون انتهاكات الاحتلال بحق السكّان والمدنيين، وما يتعرض له القطاع من دمار في البنية التحتية والمجاعة الآخذة بالاستمرار.

إسرائيل تستهدف الصفحيين بسبب تغطيتهم الوضع في غزة

وعملت قوات الاحتلال على شيطنة الصحفيين، ونشرت حولهم معلومات عدة زائفة، ادّعت فيها انتماءهم لفصائل المقاومة الفلسطينية، ليبرّر لها استهدافهم.

وأدانت منظمات دولية استهداف إسرائيل للصحفيين خلال الحرب على غزة، كما سبق وقدمت منظمة العفو الدولية شكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ووجهت نداءات متكررة إلى الدول والمنظمات الدولية، وقالت إنها تحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على “تطبيق القرار 2222 (2015)" بشأن حماية الصحفيين على الفور. وتمنع إسرائيل دخول الصحفيين الدوليين إلى غزة منذ اندلاع الحرب على القطاع.

ارتفاع عدد الضحايا الصحفيين في غزة

باستهداف الجيش الإسرائيلي للصحفيين الغول والريفي، يرتفع عدد ضحايا الصحفيين في قطاع غزة إلى 165 صحفيًا وصحفية، منذ بدء الحرب على القطاع، وفقًا لآخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

اقرأ/ي أيضًا

لحجب الحقيقة: إسرائيل تواصل منع الصحفيين الدوليين من تغطية الحرب على غزة

هل وثقت منظمات حقوقية استهداف الصحفيين في قطاع غزة؟

الأكثر قراءة