` `

ادعت إسرائيل أنّها غير مسؤولة عن تعطيلها: ما أسباب تأخر دخول المساعدات إلى قطاع غزة؟

زينة البكري زينة البكري
أخبار
20 أبريل 2024
ادعت إسرائيل أنّها غير مسؤولة عن تعطيلها: ما أسباب تأخر دخول المساعدات إلى قطاع غزة؟
شاحنات مصرية تحمل مساعدات إنسانية خارج معبر رفح الحدودي من الجانب المصري (Getty)

بداية شهر إبريل/نيسان 2024، قالت الحكومة الإسرائيلية إنها سمحت بدخول 2832 شاحنة إلى قطاع غزة تحتوي على إجمالي 40 ألفًا و475 طنًا من المساعدات الإنسانية، إضافة إلى نقل 447 طنًا من المواد عن طريق البحر، في الفترة الممتدة من منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى نهاية شهر مارس/آذار الفائت.

وجاء ذلك في ردها على التماس قدمته منظمات حقوقية ويسارية إلى المحكمة العليا بشأن الوضع الإنساني في غزة، وفق ما نقله موقع "إي 24" الإسرائيلي.

وقال الموقع في مقال له بتاريخ الثالث من إبريل الجاري، إنّ إسرائيل تشير إلى أن "هناك الكثير من المساعدات الإنسانية التي يتم تسليمها إلى غزة، مما يجعل المنظمات غير الحكومية تجد صعوبة في توزيعها"، معتبرًا في الإطار ذاته أنّ "الأرقام المقدمة بشأن دخول المساعدات من المفترض أن تنفي الاتهامات الدولية العديدة الموجهة ضد إسرائيل والتي تؤكد أنها تستخدم الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين".

وتزعم إسرائيل وفق ذات المصدر، أنّها غير قادرة على تفتيش الشاحنات عند نقاط العبور، وأنّ المنظمات غير الحكومية غير قادرة بدورها على مواكبة ونقل المساعدات بشكل فعال.

كما تزعم أنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تسيطر على المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة، وأنها تدرس بالتعاون مع الهيئات الدولية، إمكانية دخول أطراف ثالثة إلى قطاع غزة (لم تسمّها)، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تأمين حركة قوافل المساعدات في جميع أنحاء المنطقة. 

كما أورد الموقع في مقال له بتاريخ التاسع من إبريل 2024، أنّ إسرائيل تُلقي اللوم في سوء توزيع المساعدات الإنسانية على فشل التوزيع من جانب المنظمات غير الحكومية، التي تعتقد أنها ليست مستعدة بما يكفي لإدارة مثل هذه الكميات. مضيفًا، أن "مئات الشاحنات التي فحصها الجيش لا تزال متوقفة على جانب غزة من الحدود، بسبب عدم استجابة هذه المنظمات".

ويأتي ردّ إسرائيل بعد نحو أكثر من ستة أشهر من الحرب التي تشنها على قطاع غزة والتي رافقها غلق لجميع المعابر ومنع دخول المساعدات وقطع الماء والكهرباء وتدمير للبنية التحتية والمرافق الصحية.

وتصر إسرائيل على أن منظمات الإغاثة فشلت في تحمل مسؤوليتها في توزيع المساعدات داخل قطاع غزة، في حين تقول المنظمات إن إسرائيل لم تخلق الظروف الآمنة التي تسمح لها بتوزيع المساعدات بشكل فعال.

وفي الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل نفي الأمر، تشير تقارير إعلامية وحقوقية إلى أنّ قوات الاحتلال تفرض منذ أشهر طويلة التجويع على المدنيين المحاصرين داخل القطاع وأنّ "هناك مجاعة تلوح في الأفق خصوصًا في الشمال".

مكتب الأمم المتحدة: إسرائيل تفرض قيودًا تعيق وصول المساعدات إلى قطاع غزة 

وفي تقرير له بتاريخ 11 إبريل الجاري، رجّح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن إسرائيل تمنع قوافل الغذاء التي تشرف عليها الأمم المتحدة من الوصول إلى شمال غزة ثلاث مرات أكثر من قوافل المساعدات الأخرى.

وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، إن السلطات الإسرائيلية لم تقدم سببًا واضحًا لذلك، مضيفًا أن “إسرائيل تُنكر هذه التهم في كثير من الأحيان، وينتهي الأمر عند هذا الحدّ دون الحصول على تفسير”، وفقه.

وأفاد لايركه، أن فرض القيود ورفض تحرك المساعدات المخطط لها من قبل السلطات الإسرائيلية، لا تزال تعيق إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى القطاع المدمر.

وأكد أنه تم خلال شهر مارس الفائت، رفض أو إعاقة أكثر من نصف بعثات الغذاء التي تنسقها الأمم المتحدة إلى المناطق عالية المخاطر والتي تتطلب التنسيق مع السلطات الإسرائيلية.

كما أشار إلى وجود تناقض بين الأرقام التي تقدمها إسرائيل وأرقام الأمم المتحدة، وأنّ وحدة وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تنسق وتسهل المساعدات الإنسانية لغزة تقوم بإحصاء الشاحنات التي تقوم بفحصها وإرسالها عبر الحدود بينما يقوم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بإحصاء الشاحنات التي تصل إلى مستودعاته.

وأوضح في ذات السياق، أنّ نقل المساعدات داخل غزة يعد تعقيدًا آخر، في إشارة إلى العوائق ومنع الوصول، مضيفًا أن "القوافل الغذائية المتوقع توجهها خصوصًا إلى الشمال، حيث يعاني 70% من السكان ظروفًا شبيهة بالمجاعة، من المرجح أن يتم رفضها ثلاث مرات أكثر من القوافل الإنسانية الأخرى".

وأضاف لايركه أنه بينما تشتكي إسرائيل من ضعف توزيع الأمم المتحدة فإن "نصف القوافل التي حاولنا إرسالها إلى الشمال محملة بالطعام، رفضتها هذه السلطات نفسها".

هيومن رايتس ووتش: التجويع الذي تفرضه إسرائيل يقتل أطفال غزة وهو جريمة حرب

وأفادت منظمة هيومن رايتس ووتش، أنّ الأطفال في غزة يموتون بسبب مضاعفات مرتبطة بالتجويع منذ أن بدأت الحكومة الإسرائيلية باستخدام التجويع كسلاح حرب، واصفة ذلك بأنه "جريمة حرب". 

وقالت إنّ على الحكومات المعنية فرض عقوبات موجَّهة وتعليق نقل الأسلحة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لضمان حصول سكان غزة على المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية، بما يتفق مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي والأمر الذي أصدرته "محكمة العدل الدولية"، في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا.

هيومن رايتس ووتش تقول إن التجويع الذي تفرضه إسرائيل في غزة يقتل الأطفال
هيومن رايتس ووتش تقول إن التجويع الذي تفرضه إسرائيل في غزة يقتل الأطفال

وأضافت أنّ جميع الأدلة تشير إلى تسارع كبير في الوفيات وسوء التغذية، حيث يعاني نحو 70% من السكان في شمال قطاع غزة من جوع كارثي، يمكن أن تحدث المجاعة في أي وقت بين منتصف مارس ومايو/أيار المقبل.

وتابعت أنه منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023، منعت الحكومة الإسرائيلية عمدًا إيصال المساعدات والغذاء والوقود إلى غزة، وأعاقت المساعدات الإنسانية وحرمت المدنيين من وسائل البقاء على قيد الحياة.

واعتبرت أن المسؤولين الإسرائيليين ينفذون "عقابًا جماعيًا ضد السكان المدنيين ويمارسون سياسة التجويع ضدهم كأسلوب حرب، وأنّ كلاهما جريمة حرب".

ووفق ذات المصدر، فقد تفاقمت آثار القيود بسبب إجراءات الحكومة الإسرائيلية التي تقوض قدرة "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" (الأونروا) على القيام بدورها المعترف به في توزيع المساعدات في غزة.

تحقيق لسي إن إن: إسرائيل تعيق دخول المساعدات بشكل تعسفيّ 

وكشف تحقيق نشرته شبكة سي إن إن، أنّ إسرائيل تعرقل تعسفيًا دخول المساعدات إلى قطاع غزة، بينما فرضت الوكالة الإسرائيلية التي تتحكم في وصول المساعدات إلى غزة، معايير تعسفية ومتناقضة. 

ووفقًا لشهادات ووثائق حصلت عليها الشبكة، فإن إسرائيل ترفض دخول أدوية التخدير وآلات التخدير، واسطوانات الأكسجين، وأجهزة التنفس الصناعي، وأنظمة تنقية المياه، إلى دخول قطاع غزة، كما تمنع التمور وأكياس النوم وأدوية علاج السرطان وأقراص تنقية المياه ومستلزمات الأمومة.

وقال التحقيق، إن طوابير الشاحنات المتجهة إلى قطاع غزة اصطفت على طول الطريق السريع المؤدي من مدينة العريش المصرية، وهي مركز لوجستي رئيسي للمساعدات، إلى معبر رفح مع غزة. وفي صورة القمر الصناعي بتاريخ 21 فبراير/شباط الفائت، يمكن رؤية طابور من الشاحنات يمتد لمسافة أربعة أميال من المعبر.

سكان شمال قطاع غزة يرغمون للبقاء على قيد الحياة بمقدار 245 سعرة حرارية فقط للفرد

بداية شهر إبريل الجاري، قالت منظمة "أوكسفام"، إنّ سكان شمال قطاع غزة يرغمون للبقاء على قيد الحياة بمقدار 245 سعرة حرارية فقط من الغذاء للفرد الواحد في اليوم (أي أقل من علبة فول)، وهي كمية ضئيلة لا تتجاوز 12 بالمئة من متوسط احتياجات السعرات الحرارية اليومية.

ورجحت المنظمة أن يكون أكثر من 300 ألف شخص ما زالوا محاصرين في شمال قطاع غزة ولا يمكنهم المغادرة، بالتزامن مع مواصلة القوات الإسرائيلية هجومها العسكري داخل القطاع.

وقالت إنّ كمية الطعام الضئيلة هذه تمثل أقل من 12 بالمئة من الاستهلاك اليومي الموصي به والبالغ 2,100 سعرة حرارية للشخص الواحد، محسوبًا باستخدام البيانات السكانية مع مراعاة الاختلافات حسب العمر والنوع الاجتماعي. وفي الأسبوع الماضي، أبلغت الحكومة الإسرائيلية الأونروا، أكبر مزوّد للمساعدات في قطاع غزة، أنه لن يُسمح بعد الآن لقوافلها بالدخول إلى شمال القطاع.

وأكدت المنظمة في ذات السياق، أنّ إسرائيل تتخذ خيارات متعمّدة لتجويع المدنيين/ات وتتجاهل أمر محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية وقرارات مجلس الأمن الدولي.

من جهته، يشير برنامج الأغذية العالمي إلى أنّ الأطفال في شمال قطاع غزة يبكون من الجوع ويموتون من سوء التغذية، بينما يخاطر الأهالي بالوصول إلى المساعدات رغم خطر إطلاق النار، ويعيشون على علف الحيوانات والحساء المصنوع من أوراق الشجر والعشب. 

وأوضح، أنّ مستويات اليأس وانعدام الأمن الغذائي داخل قطاع غزة يمكن أن تحول الكارثة الإنسانية إلى شيء أسوأ بكثير، وأنّ نتائج التصنيف الدولي تشير إلى أن المجاعة ستصل إلى هناك من الآن وحتى شهر مايو 2024.

وأكد البرنامج أنه إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإنه سيسمح للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات بالتحرك بحرية ولسكان غزة بالوصول إلى المساعدة بأمان، ما يمكن برنامج الأغذية العالمي، على سبيل المثال، أن يتوسع بسرعة لتوفير ما يكفي من الغذاء لأكثر من مليون شخص من الأشخاص الأكثر جوعًا شهريًّا.

وأكد برنامج الأغذية العالمي أن 200 شاحنة على الأقل محملة بالإمدادات الإنسانية تصل يوميًا إلى القطاع، في حين أن هناك حاجة إلى 300 شاحنة على الأقل، وأن طوابير الشاحنات المحملة بالمساعدات لا تزال مصطفة عند معبري رفح وكرم أبو سالم.

وأفاد المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في الأراضي الفلسطينية ماثيو هولينغورث، أنّ غزة بحاجة إلى تسونامي من المساعدات وليس قطرة منها، مضيفًا، "أنهم بحاجة إلى موافقات (في إشارة إلى موافقة إسرائيل) لتقديم عمليات تسليم ضخمة ومتواصلة.

500 شاحنة كانت تدخل غزة قبل الحرب

قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي، كان معدل دخول الشاحنات في حدود 500 شاحنة يوميًا، منهم 150 شاحنة محملة بالغذاء و350 شاحنة محملة بإمدادات أخرى، وذلك وفق أرقام رسمية كشفتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بداية شهر مارس الفائت.

ووفق ذات المصدر، فإن معدل دخول الشاحنات إلى داخل القطاع تراجع بشكل لافت منذ السابع من أكتوبر، تاريخ تنفيذ عملية طوفان الأقصى، وأصبح لا يتجاوز 94 شاحنة يوميًا منها 63 شاحنة محملة بالغذاء و31 شاحنة تحمل إمدادات أخرى. 

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء 16 إبريل الجاري، إن إسرائيل تواصل فرض قيود "غير قانونية" على دخول المساعدات الإنسانية لغزة. رغم تأكيدات إسرائيل وغيرها على أن العراقيل تم تقليلها.

وفق الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونيةعلى دخول المساعدات لغزة
وفق الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونيةعلى دخول المساعدات لغزة

وقالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم المفوضية في مؤتمر صحفي بجنيف "يجب عدم مهاجمة أولئك الذين يقدمون المساعدة الإنسانية أو يحاولون الحصول عليها".

اقرأ/ي أيضًا

من خلال مذكرة مسربة: ذا انترسبت تكشف انحياز ذا نيويورك تايمز لصالح الرواية الإسرائيلية

لحجب الحقيقة: إسرائيل تواصل منع الصحفيين الدوليين من تغطية الحرب على غزة

الأكثر قراءة